الثلاثاء، 27 مارس 2012

المصالحة الفلسطينية بين التفاوض والإعمار
بعد وضع تدابير تنفيذ آلية المصالحة  الفلسطينية بين حركة فتح وحركة "حماس"  في كانون الأول من العام المنصرم, بات بالإمكان التحدث عن مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية و الصراع الفلسطيني الصهيوني، حيث يمكن القول أن انقسام الصف الفلسطيني بات على مشارف الإنهيار.
المطلوب الآن هو إيجاد الحل الأمثل بين برنامج المقاومة الذي تطرحه "حماس" كحل نهائي وأوحد لتحقيق التحرير وإسترجاع المقدسات,  والبرنامج التفاوضي الذي يحمله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, الذي يرفض التفريط فيه, عله يفتح أبواباً أغلقها الإحتلال منذ زمن، بحيث يسمح لكلا الطرفين من العمل في حدود عدم التنازل أو التفريط ودون أن يتهم أي من الطرفين الآخر بالخيانة.
في سياق التحرك السريع للملف الفلسطيني منذ بداية الأزمة الفلسطينية الفلسطينية اتخذت “حماس” موقفاً محدداً بشأن انجاح الحوار حيث أصرت على انجاحه من خلال قواعد أساسية وبرنامج فلسطيني واضح وذلك عبر التمسك بالقواعد والثوابت الفلسطينية التي تلتزم بها منذ انطلاقتها، "فالعقبة الأساسية التي كانت في طريق الحوار الفلسطيني هي القرصنة الأمريكية الإسرائيلية والضغط الإسرائيلي الذي كان يمارس على السلطة من خلال تجميد أرصدتها وفرض خارطة طريق لسياساتها "بحسب السيد جهاد طه/ عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في لبنان.
بالرغم من الاتفاق في البدء السريع بتنفيذ بنود اتفاقية المصالحة إلا أن أياً من الطرفين حتى الآن لم ينفذ البند المتعلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والذي كان من المفترض اتمامه قبل نهاية العام المنصرم, خوصاً وأن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لدرس ملف المعتقلين السياسيين، في غضون ذلك تفاجأت "حماس" بنفي وجود معتقلين سياسيين لدى السلطة الفلسطينية المتمثلة في حركة فتح، في حين تعترف هي بوجود معتقلين لا سياسيين بل جنائيين مثبت عليهم تهم, ومرفوعة بحقهم قضايا من مواطنين فلسطينيين. وعليه تم تشكيل لجنة بإدارة مصرية تبحث في ملف المعتقلين وتقدم لوائح الأسماء لكلا الطرفين. “المكسب الحقيقي الآن في تحقيق وحدة الصف والموقف الفلسطيني أمام التحديات ولو بشكل جزئي, خصوصاً وأن القضية الفلسطينية عانت من تدخلات خارجية مؤذية تمثلت بضغوطات عربية وغربية” وفقاً للسيد طه.
ما يمارسه اليوم المجتمع الدولي من ضغوطات على السلطة الفلسطينية في رام الله إنعكست إيجاباً على عملية المفاوضات بين الكيان الصهيوني وحركة فتح المتمثلة في السلطة الفلسطينية, معيدة بذلك بناء المخاوف الفلسطينية من انقلاب ينسف أوراق المصالحة والوفاق بين الفصيلين الأكبر في فلسطين, حيث اجتمعت السلطة الفلسطينية بالعدو الصهيوني في الأردن وفتح ملف المفاوضات الذي أغلقته بقرار منها برعاية اردنية كان على حد قول السيد جهاد طه "طعنة في خاصرة" مشروع المصالحة الفلسطينية وتهديداً لمسار إنجاحها، في المقابل اتخذت "حماس" خطوتها في الخروج بملف الإعمار عبر رئيس حكومتها المقالة اسماعيل هنية, الذي بدأ جولة عربية عنوانها "دعم جهود الشعب الفلسطيني" بكافة جوانبه وليس فقط قضية الإعمار, هذا وجاءت الجولة, " كرد اعتبار لوقفت الشعوب التضامنية مع الشعب الفلسطيني على مدار سنوات الحصار" بحسب كلام السيد طه.
أولى الأزمات الفلسطينية - الفلسطينية ظهرت جلية في تونس حيث لم يحظ هنية بإستقبال السفير الفلسطيني له سلمان الهرفي, كما ولم يحضر أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية المقيمين في تونس أيضاً, الأمر الذي فسّر "خطأً سياساً",  فلا الحكومة ولا وزارة الخارجية ولا حزب النهضة صرّحوا بمواعيد وبرنامج زيارة هنية للهيئات الفلسطينية الموجودة في تونس, وهو الأمر الذي لا يخدم مستقبل المصالحة الوطنية وجهودها المبذولة من القوى الفلسطينية. 
يبرر البعض  الأزمة المالية التي حلّت على حركة فتح بعد تجميد أرصدتها من قبل الجانب الصهيوني وإيقاق الدعم الأمني الأمريكي لها عودتها الى عملية المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي الأمر الذي اعتبرته حماس أمراً مؤسفاً, وهو الأمر الذي قد يؤدي الى تأجيل عملية الإنتخابات التشريعية والرئاسية, "لأنه قد يحصل تعديل فكما تفاجأنا في موقف عمان قد نتفاجأ بأمور تمس الانتخابات او تمس جوهر الانتخابات" وفقاً للسيد طه. الأمر الذي لن تسمح "حماس" أن تمس من خلاله الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، فالرهان اليوم على المقاومة وعلى توحيد صفها.
هذا وتفاجأت حركة “حماس” أيضاً من تقارير الجامعة العربية التي تفيد برصد وتسليم مبلغ 25 مليون دولار أمريكي إلى السلطة الفلسطينية لصالح ملف الإعمار في غزة، الذي لم يسلم منه شيئاً للقطاع ، الأمر الذي يقودنا الى الضعف الواضح في الملف الفلسطيني لدى جامعة الدول العربية على الرغم من كونها المظلة العربية التي تنطوي تحتها الدول العربية. حيث أملت حماس من الجامعة العربية قرار دعم الإعمار والإشراف عليه لكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني.
إذاً فالسجال مستمر وبر الأمان للمصالحة الفلسطينية لايزال قيد الدرس, والمخاوف من الفشل لاتزال قائمة حتى تنفذ البنود كاملة, وحتى تبنى الشرعية الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وذلك لإطفاء شرعية دولية تضمن للقضية الفلسطينية استمرارها وتساهم في رفع الظلم عن فلسطينيي الداخل والخارج.