الجمعة، 20 أبريل 2012

أمل مليونية أيار العودة من "مارون الراس"

في ذكرى النكبة مع إقتراب أيار نعود الى ما كان, الى زحف الجموع المليونية الصارخة ملأ الفم " الشعب يريد العودة لفلسطين " قالتها الجموع بصوت هادر هز أصقاع العالم لم تحمله تلك الكلمة من معان عميقة. اللاجئ الفلسطيني في لبنان عاش لحظة إقتراب تحقيق الحلم بإمكانية إقتحام ذاك السياج الفاصل الواقع بين الدولتين الشقيقتين. بترانيم أطفاله اللاهثة خلف كان يا ما كان من أرض تسمى موطني فلسطين.
 لحظة عاشها الشعب بكافة جوارح أطيافه المتفرقة تحت لواء العلم الفلسطيني الوطني بألوانه الأربعة المتنوعة, ذاك اليوم إتفقت الجموع دون كلام على أن الحجر هو سلاح لتحرير الأرض والمقدسات. هناك في "مارون الراس" إجتمعنا وكلنا أمل بالعودة الجميع ظن أننا ذاهبون لإسترجاع الأرض بأيدينا إلا أن المنابر المنتصبة أحالة الحلم الى سراب.
سراب لم يدم ساعة متواصلة فمارون الراس بمكبراتها التي أطلقت تحذيرات عدم الإقتراب من السياج الفاصل هي نفسها التي أججت الغضب الساكن في القلوب, والتي دفعت بجموع اللاجئين الى تحقيق حلم العودة, وهي التي دفعت به الى طلب الشهادة هي التي بددت الخوف من الرصاص المسكوب على الأجساد, وهي التي دفعته للعودة دون أوراقه الثبوتية التي منحته إياها وكالة الغوث والدولة اللبنانية والتي كانت على ما يبدو خطيئة تؤكد الوجود والحق الفلسطيني في الأرض, على الرغم من كونها أوراق إذا جددت أو أهملت كان الأمر سيان بالنسبة للاجئ لأنها بطاقة زرقاء تنقص من قيمة الفرد كإنسان.
هناك في "مارون الراس"  الكل جاء النساء والرجال الشيب والشبان إضافة صغار اللاجئين الذين جاؤوا بمفتاح الدار معهم ضناً منهم أنهم عائدون في يوم الزحف الفلسطيني ذاك الى حضن البلد الدافئ الى فلسطين. زحفت الجموع كأنها السيل في مواجهة السياج الفاصل الذي أوهم اللاجئ الفلسطيني طوال العقود الست الماضية, بأنه جدار فصل بالرغم من كونه مجرد سياج حقير وضع ليبدد إرادة العودة, وليلغي القوانين والمواثيق الدولية المؤيدة حق العودة كالقرار 194 والذي نص صراحة على شرعية عودةاللاجئ الفلسطيني الى دياره.
حن لم نطالب بأي تعويض عن سني الغربة التي عشناها ونعيشها لأن الله وعدنا الجنة, وعدنا نصره القريب. اليوم أمل النصر بات أقرب مع كل حجر يقذف في وجه ذاك الإحتلال, الحجارة إنسكبت كالرصاص المسكوب على رؤوس الصهاينة الذين كانوا يفرون من أمامها خوفأ من غرادة السواعد التي ألقتها بإتجاههم, وخوفاً من الموت القادم من تاريخ إنتصاراتنا العريقة.عراقة النصر طالت حجارتنا فأرهبت الجيش الذي لا يقهر ليتحول الى جيش من ورق.
في وادي "مارون الراس" وأمام ذاك السياج إتفقت الجموع وأبرمت ميثاق المصالحة الفلسطينية دونما الرجوع الى قياداتها وزعاماتها المسؤولة عنا, فهناك من رمى بالأوامر المقتضية بقاءه بعيدا عرض الحائط ليشارك في مسيرة العودة مسيرة الزحف الى السياج الفاصل. أبرم الإتفاق بصدق هذه المرة دون اللجوء الى أي حبر يخط على الورق فدماء الشهداء كانت كافية لتحفظ العهد.
الأدوار توزعت دون تململ أو إعتراض فهناك من وكلت إليه المهمة الأسمى زرع العلم في ارض الوطن, كما وجهّز البعض حمالات الإسعاف لتقل الجرحى والشهداء من أسفل الوادي الى أعلى الجبل بعد منع سيارات الإسعاف من الإقتراب, جهّزت الحمالات من المواد الأولية المتاحة كعصي الأعلام ومن الكوفية الفلسكينية رمز النضال المستمر, بالإضافة الى أولئك الذين سخروا أنفسهم لنقل الحجارة البعيدة الى أرض المواجهة.
الساحة في مواجهات "مارون الراس" لم تخل من النساء, فقد كن هناك يقفن الى جانب الشباب فقد ساعدن في تحطيم الحجارة الى قطع يسهل رميها, لم تكن تلك الحجارة المحطمة حجارة بل كانت في كل مرة تكسر فيها تكسر خوفاً لازم الشارع الفلسطيني عقوداً ستة.
هذه الصورة حفزت المزيد من الشباب للتقدم والمساندة فصنعوا حلقات بشرية طوقت ما سميت أنذاك ألعام المدرعات العسكرية لتحمي الرماة وناقلي الجرحى والشهداء, حينما ترى ذالك المشهد تتجه دون التفكير في شيء الأمر الأوحد الذي يخطر في البال هو أن أرضي أمامي وما يفصلني عنها سياج وضيع. هناك تحاول لجم نفسك عن التقدم والمواجهة إلا أنك تقف عاجزاً أمام نفسك التي لا تطاوعك بل تدفع بك الى الأمام لتؤكد لك أنه ما من مستحيل, فالمستحيل هو ما صنعت الشعوب العربية من ثورات وإنتصارات على أنظمتها, الشعوب العربية إنتفضت وأطلقت صرختها وكذا اللاجئ الفلسطيني أطلق صرخ بكل الوجع والقهر الذي تسببت به سني الغربة والتي ألقت به بعيداً عن أرضه التي هي حقه الشرعي. 
ما كان في "مارون الراس" كان إرادة جيل تسلم العهد مؤكداً رفضه لأية حلول للتوطين أو التهجير, وليؤكد حقه في العودة ليعيش فوق تراب وطنه. ما كان في "مارون الراس" كان يوم زحف خلّده التاريخ وسطّره بدماء من سالت دماؤهم هناك.فهل يعود أيار من جديد ليكون أيار مليونية العودة؟.       

هناك تعليق واحد:

  1. الامل في العودة يكبر فينا يوما بعد يوم, و لكنني ضد عدم تكافأ القوى الى هذه الدرجة, ضد النزول الى السياج, ضدّ هدر دماء الشهداء, اعلم بأن الحجارة هي رمز المقاومة, و لكن ماذا سوف تفعل امام الرصاص. في حال كان هنالك مليونية يجب ان تكون هنالك اجراءات مشدّدة اكثر

    ردحذف